فصل: كِتَابُ الْحَجِّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الْحَجِّ:

(الْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَى الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ الْأَصِحَّاءِ إذَا قَدَرُوا عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَاضِلًا عَنْ الْمَسْكَنِ وَمَا لَا بُدَّ عَنْهُ، وَعَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ إلَى حِينِ عَوْدِهِ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا) وَصَفَهُ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} الْآيَةَ (وَلَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) «لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قِيلَ لَهُ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ أَمْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: لَا بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»، وَلِأَنَّ سَبَبَهُ الْبَيْتُ وَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ، ثُمَّ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ فَكَانَ الْعُمْرُ فِيهِ كَالْوَقْتِ فِي الصَّلَاةِ.
وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ خَاصٍّ وَالْمَوْتُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ نَادِرٍ فَيَضِيقُ احْتِيَاطًا، وَلِهَذَا كَانَ التَّعْجِيلُ أَفْضَلَ، بِخِلَافِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي مِثْلِهِ نَادِرٌ.
الشرح:
كِتَابُ الْحَجِّ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ لَهُ: الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ، أَمْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: لَا، بَلْ مَرَّةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ».
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ يَزِيدَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ قَالَ: لَا، بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَا لِسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ الَّذِينَ يُجْمَعُ حَدِيثُهُمْ. انْتَهَى.
وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ يَرْوِي عَنْ الزُّهْرِيِّ الْمَقْلُوبَاتِ، وَإِذَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ أَشْبَهَ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ صَحِيفَةَ الزُّهْرِيِّ اخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَأْتِي بِهَا عَلَى التَّوَهُّمِ، وَالْإِنْصَافُ فِي أَمْرِهِ تَنَكُّبُ مَا رَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَالِاحْتِجَاجُ بِمَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، فَرَوَوْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، كَمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ أَيْضًا بِنَحْوِ ذَلِكَ.
أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ حُمَيْدٍ: فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ الْمِصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَمُوسَى بْنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصُبِيُّ مَجْهُولَا الْحَالِ، فَالْحَدِيثُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَوْ قُلْتهَا لَوَجَبَتْ، وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ، فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، سَوَاءً، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا عَنْ سَهْلِ بْنِ عَمَّارٍ الْعَتَكِيِّ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَقَطَ مِنْهُ رَجُلَانِ: سُفْيَانُ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَلَهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا طَرِيقَانِ، إلَّا أَنَّهُمَا وَاهِيَانِ جِدًّا، فَأَضْرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهِمَا، وَجَهِلَ مَنْ عَزَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَقَلَّدَهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ، فَالْمُقَلِّدُ ذَهَلَ، وَالْمُقَلَّدُ جَهِلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ، فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُمْ»، إلَى آخِرِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}» الْآيَةَ. انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ: وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِالِانْقِطَاعِ، وَلَكِنْ أَعَلَّهُ بِعَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، رُبَّمَا رَفَعَ الْحَدِيثَ، وَرُبَّمَا وَقَفَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ أَبِي وَاقَدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْت «رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: هَذِهِ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ»، انْتَهَى.
وَمَعْنَاهُ: أَيْ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْرِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَابْنُ أَبِي وَاقَدٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ وَلَا حَالٌ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: قَدْ عُرِفَ اسْمُهُ مِنْ سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ أَبِي وَاقَدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، فَقَالَ: وَاقِدُ بْنُ أَبِي وَاقَدٍ اللَّيْثِيُّ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ، فَقَالَ: لَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ»، انْتَهَى.
وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِيهِ، وَاسْمُ أَبِيهِ كُنْيَتُهُ، وَأَبُو سُفْيَانَ: طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَحَادِيثُ الْفَوْرِ فِي الْحَجِّ وَالتَّرَاخِي:
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: ثُمَّ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَأَحْمَدُ يَقُولُ بِالْفَوْرِ أَيْضًا، وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ: مَنْ كُسِرَ وَأُعْرِجَ، فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، ثُمَّ قَالَ: وَحُجَّةُ الْآخَرِينَ مَا رَوَوْا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ، فَلْيَفْعَل».
قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ، وَإِنَّمَا الَّذِي رُوِيَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْدَأَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ فَلْيَفْعَلْ»، وَهَذَا هُوَ التَّمَتُّعُ، قَالَ: وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ فَرِيضَةَ الْحَجِّ نَزَلَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ: ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ وَافِدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَائِضَ الْإِسْلَامِ: الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَالْحَجَّ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ التَّوْحِيدَ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٌ، فَقَالَ فِيهِ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدٍ: ضِمَامًا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ، قَالُوا: وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، فَقَدْ أَخَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى سَنَةِ عَشْرٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي لَا عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ: وَجَوَابُ هَذَا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ ضِمَامًا قَدِمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، فَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، فَعَنْ تَأْخِيرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إيَّاهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَحُجَّ، وَكَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْإِدْرَاكِ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ أَعْذَارٌ: مِنْهَا الْفَقْرُ، وَمِنْهَا الْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْهَا الْخَوْفُ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَمِنْهَا غَلَبَةُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَكَّةَ، وَكَوْنُهُمْ يَحُجُّونَ وَيُظْهِرُونَ الشِّرْكَ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ أَخَّرَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِمَنْعِ حُجَّاجِ الْمُشْرِكِينَ، فَلَوْ حَجَّ لَاخْتَلَطَ الْكُفَّارُ بِالْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالْعُذْرِ، فَلَمَّا أُمِرَ بِمَنْعِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْحَجِّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فَنَادَى: أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، ثُمَّ حَجَّ عِنْدَ زَوَالِ مَا يُكْرَهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الْحَجَّ لِئَلَّا يَقَعَ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّسِيءِ الَّذِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهُ، حَتَّى يَدُورَ التَّحْرِيمُ عَلَى جَمِيعِ الشُّهُورِ، فَوَافَقَتْ حَجَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذَا الْقِعْدَةِ، ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ لَا نُفَيْعٍ، وَهُوَ الْأَسَدِيُّ الْقُرَشِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَدْ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُد هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَيْبٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَلَا أَعْرِفُ لَهَا سَنَدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَإِنَّمَا شُرِطَ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ»، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَاتُ بِأَسْرِهَا مَوْضُوعَةٌ عَنْ الصِّبْيَانِ، وَالْعَقْلُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ، وَكَذَا صِحَّةُ الْجَوَارِحِ، لِأَنَّ الْعَجْزَ دُونَهَا لَازِمٌ، وَالْأَعْمَى إذَا وَجَدَ مَنْ يَكْفِيه مُؤْنَةَ سَفَرِهِ وَوَجَدَ زَادًا وَرَاحِلَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لَهُمَا وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمُقْعَدُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ بِغَيْرِهِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَطِيعَ بِالرَّاحِلَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَعْمَى، لِأَنَّهُ لَوْ هُدِيَ يُؤَدِّي بِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الضَّالَّ عَنْهُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، وَلَوْ عَشْرَ حِجَجٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ، ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ».
قُلْت: رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وَأَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ هَاجَرَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: الصَّوَابُ وَقْفُهُ، تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ مُسْتَدْرِكًا عَلَى الْبَيْهَقِيّ قُلْت: رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيثِ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُرَيْحٍ أَبِي عُمَرَ الثِّقَالِ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ بِهِ مَرْفُوعًا، فَزَالَ التَّفَرُّدُ، انْتَهَى.
قُلْت: حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ شُرَيْحٍ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَأَظُنُّ أَنَّ الْحَارِثَ سَرَقَ مِنْهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ، وَلَا أَعْلَمُ.
يَرْوِيه عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ غَيْرَهُمَا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِسَنَدِ الْمَرْفُوعِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: احْفَظُوا عَنِّي، وَلَا تَقُولُوا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، إلَى آخِرِهِ، وَالْمَوْقُوفُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ، فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنْهُ، فَإِنْ أَدْرَكَ، فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ، فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنْهُ، فَإِنْ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ ضَعِيفٌ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَوْ حَجَّ صَغِيرٌ حَجَّةً لَكَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى إذَا بَلَغَ، إنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا، وَلَوْ حَجَّ الْمَمْلُوكُ عَشْرًا لَكَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ إذَا أُعْتِقَ، إنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا»، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا قَالَا: الرِّوَايَةُ عَنْ حَرَامٍ حَرَامٌ، وَوَافَقَهُمَا، وَقَالَ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَنَاكِيرُ.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «دَفَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَك أَجْرٌ» انْتَهَى.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، هَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «حَجَّ بِي أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ»، انْتَهَى.
وَلَا بُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَهُوَ قَدْرُ مَا يُكْتَرَى بِهِ شَقُّ مَحْمِلٍ أَوْ رَأْسُ زَامِلَةٍ، وَقَدْرِ النَّفَقَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا «لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، سُئِلَ عَنْ السَّبِيلِ إلَيْهِ فَقَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عُقْبَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا يَتَعَاقَبَانِ لَمْ تُوجَدْ الرَّاحِلَةُ فِي جَمِيعِ السَّفَرِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الْمَسْكَنِ، وَعَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْخَادِمِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَثِيَابِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَشْغُولَةٌ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ إلَى حِينِ عَوْدِهِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَرْأَةِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الشَّرْعِ بِأَمْرِهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْوُجُوبِ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهُمْ الرَّاحِلَةُ لِأَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الْأَدَاءِ فَأَشْبَهَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُئِلَ عَنْ السَّبِيلِ إلَى الْحَجِّ، فَقَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ الْحَاجُّ؟ قَالَ: الشَّعِثُ التَّفِلُ، فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَا السَّبِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، انْتَهَى.
ذَكَرَهُ فِي التَّفْسِيرِ، وَفِي الْحَجِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ فِي الْإِمَامِ: قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجُنَيْدِ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَقَدْ تَابَعَ إبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَذَلِكَ، انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيِّ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ، وَابْنِ مَعِينٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ، وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ غَرِيبٌ، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْخُوزِيُّ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخْرَى كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَرَوَيْنَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ صَحِيحَةٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا، وَفِيهِ قُوَّةٌ لِهَذَا السَّنَدِ. انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ، قَوْلُهُ: فِيهِ قُوَّةٌ، فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الطَّرِيقَ إذَا كَانَ وَاحِدًا، وَرَوَاهُ الثِّقَاتُ مُرْسَلًا، وَانْفَرَدَ ضَعِيفٌ بِرَفْعِهِ أَنْ يُعَلِّلُوا الْمُسْنَدَ بِالْمُرْسَلِ، وَيَحْمِلُوا الْغَلَطَ عَلَى رِوَايَةِ الضَّعِيفِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِضَعْفِ الْمُسْنَدِ، فَكَيْفَ يَكُونُ تَقْوِيَةً لَهُ؟ قَالَ: وَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: وَالْمُرْسَلُ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ثَنَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: زَادٌ وَرَاحِلَةٌ»، انْتَهَى.
حَدَّثَنَا الْهَشِيمُ ثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ، قَالَ: وَهَذِهِ إسْنَادٌ فِي صَحِيحِهِ إلَّا أَنَّهَا مُرْسَلَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الزَّادِ وَالرِّحْلَةِ مُسْنَدًا، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَأَمَّا الْمُسْنَدُ فَإِنَّمَا رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمُضَفَّرِ ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْمُصْفَرُّ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، حَدَّثَنَا سُوَيْد بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ: {مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا}»، انْتَهَى.
قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَهِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ، مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ دَاوُد بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ حُصَيْنِ بْنِ الْمُخَارِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ؟ قَالَ: لَا، بَلْ حَجَّةٌ، قِيلَ: فَمَا السَّبِيلُ إلَيْهِ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»، انْتَهَى.
وَدَاوُد، وَحُصَيْنٌ كِلَاهُمَا ضَعِيفَانِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»، انْتَهَى.
قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ: وَتَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ: وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ بِالْإِسْنَادَيْنِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} قَالَ: السَّبِيلُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَأَعَلَّهُ بِعَتَّابٍ، وَقَالَ: إنَّ فِي حَدِيثِهِ وَهْمًا، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ: وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُد الْحَفَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ السَّبِيلِ، فَقَالَ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَوْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، بِلَفْظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ اللَّيْثِيُّ تَرَكُوهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ بُهْلُولِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِنَحْوِهِ، وَبُهْلُولُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِنَحْوِهِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْعَرْزَمِيُّ ضَعِيفَانِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ خَرَّجَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَلَيْسَ فِيهَا إسْنَادٌ يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى.
وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ لَا تَثْبُتُ دُونَهُ ثُمَّ قِيلَ هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقِيلَ هُوَ شَرْطُ الْأَدَاءِ دُونَ الْوُجُوبِ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا غَيْرُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.
قُلْت: يُشِيرُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ، وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَفِي رِوَايَةٍ مَكَّةَ، سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}» انْتَهَى.
قَالَ: (وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَحْرَمٌ تَحُجُّ بِهِ أَوْ زَوْجٌ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحُجَّ بِغَيْرِهِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ لَهَا الْحَجُّ إذَا خَرَجَتْ فِي رُفْقَةٍ وَمَعَهَا نِسَاءٌ ثِقَاتٌ لِحُصُولِ الْأَمْنِ بِالْمُرَافَقَةِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»
وَلِأَنَّهَا بِدُونِ الْمَحْرَمِ يُخَافُ عَلَيْهَا الْفِتْنَةُ وَتَزْدَادُ بِانْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا، وَلِهَذَا تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ (وَإِذَا وَجَدَتْ مَحْرَمًا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا لِأَنَّ فِي الْخُرُوجِ تَفْوِيتَ حَقِّهِ.
وَلَنَا أَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْفَرَائِضِ وَالْحَجُّ مِنْهَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَجُّ نَفْلًا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا وَلَوْ كَانَ الْمَحْرَمُ فَاسِقًا قَالُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ (وَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ كُلِّ مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَجُوسِيًّا) لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ إبَاحَةَ مُنَاكَحَتَهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى مِنْهَا الصِّيَانَةُ وَالصِّبْيَةُ الَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغَةِ، حَتَّى لَا يُسَافَرَ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ وَنَفَقَةُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا تَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى أَدَاءِ الْحَجِّ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطُ الْوُجُوبِ أَوْ شَرْطُ الْأَدَاءِ عَلَى حَسْبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَمْنِ الطَّرِيقِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَعْبَدًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَحُجَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا، وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ، قَالَ: ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَهَا»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ، وَلَفْظُهُ، قَالَ: «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ سَفَرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ تَحُجَّ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ ثَنَا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ ثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ صَدَقَةَ أَبُو حَمَّادٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ التَّمِيمِيِّ مَوْلَى زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَنْ تَحُجَّ إلَّا مَعَ زَوْجٍ، أَوْ ذِي مَحْرَمٍ»، مُخْتَصَرٌ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ ثَلَاثًا، إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَخْرَجَا عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا: «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: ثَلَاثًا، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، وَأَخْرَجَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا»، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ، وَفِي لَفْظٍ يَوْمٍ، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: بَرِيدًا، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِي وَالسَّبْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَالْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ، قَالَ: وَهَمُوا، وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي التَّوْقِيتِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»، وَلَمْ يُوَقِّتْ فِيهِ شَيْئًا، وَاسْمُ السَّفَرِ يَنْطَلِقُ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ: لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَبَايُنٌ وَلَا اخْتِلَافٌ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهَا فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ، بِحَسْبِ الْأَسْئِلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ تَمْثِيلًا لِأَقَلِّ الْأَعْدَادِ، وَالْيَوْمُ الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَأَقَلُّهُ، وَالِاثْنَانِ أَوَّلُ الْكَثِيرِ وَأَقَلُّهُ، وَالثَّلَاثُ أَوَّلُ الْجَمْعِ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا فِي قِلَّةِ الزَّمَنِ لَا يَحِلُّ لَهَا فِيهِ السَّفَرُ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ، فَكَيْفَ بِمَا زَادَ؟ وَقَدْ وَرَدَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ الْخُدْرِيِّ. انْتَهَى.
وَذَكَرَالْمُصَنِّفُ حَدِيثَ: «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا مَعَ زَوْجٍ، أَوْ ذِي مَحْرَمٍ فِي الْكَرَاهِيَةِ».
(وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَمَضَيَا لَمْ يُجْزِهِمَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّ إحْرَامَهُمَا انْعَقَدَ لِأَدَاءِ النَّفْلِ فَلَا يَنْقَلِبُ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ.
(وَلَوْ جَدَّدَ الصَّبِيُّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَنَوَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ جَازَ، وَالْعَبْدُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ غَيْرُ لَازِمٍ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ.
أَمَّا إحْرَامُ الْعَبْدِ لَازِمٌ فَلَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.